فصل: 7- ذو الكفل عليه السلام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.فقه الإيمان بالكتب:

الكتب الإلهية هي كلام الله التي أنزلها رحمة بعباده.
وكلمات الله نوعان:
كلمات كونية: وهي التي كوَّن بها الكون وخلقه ودبره، وهي أمره النافذ في جميع ملكه في كل لحظة.
كلمات شرعية: وهي كتبه المنزلة على رسله هداية لعباده.
وكلمات الله جل جلاله فيها من العظمة والقوة والفصاحة ما لا يدركه عقل، ولا يخطر على قلب بشر، فالله عظيم، وأسماؤه وصفاته عظيمة، وكلامه عظيم، وعدد كلماته لا يمكن أن يحصيها أحد، وفوق ما يتصور كل أحد، فلو جمعنا أشجار الدنيا أقلاماً، وبحار الدنيا وسبعة أضعافها مداداً ما نفدت كلمات الله: {وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [27]} [لقمان:27].
وقوة كلام الله عز وجل فوق ما يتصور كل أحد، فمن قوة كلام الله عز وجل أنه بحرفين من كلامه خلق هذا الكون العظيم، وفي كل لحظة يخلق ما لا يحصيه إلا هو من الخلائق في السماء والأرض: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [82] فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [83]} [يس: 82- 83].
وإذا كانت هذه قوة حرفين من كلامه كن، فكم تكون قوة كلماته التامات التي لو كانت سبعة أبحر مداداً لها لم تنفد..؟ وكم قوة كل كلمة منها..؟
وكلام الله تبارك وتعالى كله عظيم، وكله حسن، وكله نور، وكله مشتمل على كل خير.
وفصاحة كلام الله وحسنه وجماله وجزالته تملك قلب كل أحد، ويعجز عنها كل أحد، بل قد عجز الثقلان عن أن يأتوا بسورة أو آية من أحسن كتبه وهو القرآن كما قال سبحانه: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [88]} [الإسراء:88].
فسبحان الملك العظيم القادر على كل شيء.
كم من الكلمات الكونية التي يخلق بها الخلائق كل لحظة...؟
وكم من الكلمات التي يأمر ويصرِّف بها الخلائق كل لحظة..؟
وكم من الكلمات التي يغير بها الأحوال كل لحظة من حياة وموت... وغنى وفقر.. وعافية ومرض... وأمن وخوف.. وحر وبرد.. وعزة وذلة؟
بكلمة واحدة يتغير كل شيء، ويزول كل شيء، ويحصل كل شيء: {وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ [50]} [القمر:50].
كم من الكتب الإلهية التي أنزلها الله رحمة بعباده..؟
وكم من الأوامر الشرعية التي شرعها لعباده..؟
وكم أرسل من الرسل بتلك الكتب..؟
فما أعظم هذا الرب العظيم الحليم الكريم العزيز الرحيم.
وما أعظم أسماءه وصفاته وأفعاله.
فهو أهل أن يُعظّم... وأهل أن يُعبد.. وأهل أن يُحمد.. وأهل أن يُطاع.
{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [102]} [الأنعام:102].

.4- الإيمان بالرسل:

الإيمان بالرسل:

.معنى الإيمان بالرسل:

الإيمان بالرسل: هو التصديق الجازم بأن الله عز وجل بعث في كل أمة رسولاً يدعوهم إلى عبادة الله وحده، والكفر بما يعبد من دونه، وأنهم جميعاً مرسلون صادقون.
وقد بلَّغوا جميع ما أرسلهم الله به، منهم من أعلمنا الله باسمه، ومنهم من استأثر الله بعلمه.

.الفرق بين الرسول والنبي:

لفظ الرسول والنبي كلفظ الإسلام والإيمان، إذا اجتمعا فلكل واحد معنى، وإذا انفرد أحدهما شمل معنى الآخر.
فيطلق الرسول على النبي، ويطلق النبي على الرسول، فيكون معناهما واحداً، وهذا هو الغالب.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [67]} [المائدة:67].
وقال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا [45] وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا [46]} [الأحزاب:45- 46].
وتارة يذكران معاً في آية واحدة، فيكون لكل واحد منهما معنى.
كما قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [52]} [الحج:52].
فالرسول: من أوحى الله إليه بشرع، وأمره بإبلاغه إلى من لا يعلمه، أو يعلمه ولكنه خالفه.
والنبي: من أوحى الله إليه بشرع سابق ليعلِّمه من تركه، ويجدده.
فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً.
والذين ذكرهم الله في القرآن كلهم أنبياء ورسل.

.بعث الأنبياء والرسل:

لم تخل أمة من رسول يبعثه الله تعالى بشريعة مستقلة إلى قومه، أو نبي يوحي إليه بشريعة من قبله ليجددها، ويعلِّمها من حوله.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [36]} [النحل: 36].
وقال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ [44]} [المائدة: 44].

.حكم الإيمان بالأنبياء والرسل:

الإيمان بأنبياء الله ورسله أحد أركان الإيمان الستة.
فيجب علينا الإيمان بجميع الأنبياء والرسل وتصديقهم، ومن كفر بواحد منهم فقد كفر بهم جميعاً.
ويجب علينا تصديق ما صح عنهم من أخبار، والاقتداء بهم في صدق الإيمان، وكمال التوحيد، وحسن الخلق، والعمل بشريعة من أُرسل إلينا منهم، وهو سيدهم وخاتمهم الذي أرسله الله إلى الناس كافة محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا [136]} [النساء:136].
وقال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا [21]} [الأحزاب:21].

.حقوق الأنبياء والرسل:

الأنبياء والرسل أفضل الخلق؛ لكمال إيمانهم.. وصدق يقينهم.. وحسن عبادتهم.. وحسن أخلاقهم.. وكمال معرفتهم بالله وأسمائه وصفاته وشرعه.. وإحسانهم إلى الخلق.. ورحمتهم للناس.. وصبرهم على دعوة الخلق إلى الدين.. وبذلهم كل ما يملكون في سبيل إعلاء كلمة الله، ليعبد الله وحده لا شريك له.
فحقوقهم علينا: الإيمان بهم، وتصديقهم، ومحبتهم، والثناء عليهم من غير إطراء، وتوقيرهم، والصلاة والسلام عليهم عند ذكرهم، والاقتداء بهم في كمال التوحيد والإيمان، وحسن الخلق، والدعوة إلى الله، والاقتداء والعمل بشريعة من أُرسل إلينا منهم وهو محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ [33] ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [34]} [آل عمران:33- 34].
وقال الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [157]} [الأعراف:157].

.حكمة بعث الأنبياء والرسل:

بعث الله جميع الأنبياء والرسل لتحقيق ثلاثة مقاصد:

.الأول: دعوة الناس إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة ما سواه:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ [36]} [النحل:36].

.الثاني: بيان الطريق الموصل إلى الله وإلى رضاه:

قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [44]} [النحل: 44].
وقال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [2]} [الجمعة:2].

.الثالث: بيان حال الناس بعد القدوم على ربهم يوم القيامة:

قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ [49] فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [50] وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [51]} [الحج:49- 51].

.عدد الأنبياء والرسل:

الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام كثيرون.
والذين ذكرهم الله في القرآن قسمان:

.الأول: مَنْ بَيَّن الله أسماءهم، وقص علينا أخبارهم، وهم خمسة وعشرون:

آدم، ونوح، وإدريس، وهود، وصالح، وشعيب، وإبراهيم، وإسحاق، وإسماعيل، ويعقوب، ويوسف، وموسى، وهارون، وداود، وسليمان، وأيوب، واليسع، ويونس، ولوط، وإلياس، وزكريا، ويحيى، وذو الكفل، وعيسى، ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقد ذكر الله هؤلاء جميعاً في القرآن الكريم كما يلي:

.1- آدم عليه السلام:

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [115]} [طه:115].

.2- ثمانية عشر:

ذكرهم الله بقوله سبحانه: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [83] وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ [84] وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ [85] وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلًّا فَضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ [86] وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [87]} [الأنعام:83- 87].

.3- إدريس عليه السلام:

قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا [56]} [مريم:56].

.4- هود عليه السلام:

قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ [123] إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ [124] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ [125]} [الشعراء:123- 125].

.5- صالح عليه السلام:

قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ [141] إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ [142] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ [143]} [الشعراء:141- 143].

.6- شعيب عليه السلام:

قال الله تعالى: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ [176] إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ [177] إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ [178]} [الشعراء:176- 178].

.7- ذو الكفل عليه السلام:

قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنَ الْأَخْيَارِ [48]} [ص:48].

.8- محمد صلى الله عليه وسلم:

قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [40]} [الأحزاب:40].
فهؤلاء خمسة وعشرون كلهم أنبياء ورسل.

.الثاني: من لم نعلم أسماءهم، ولم يقص الله علينا أخبارهم:

وهؤلاء كثيرون لا يحصيهم ولا يعلمهم إلا الذي أرسلهم، فنؤمن بهم إجمالاً؛ تصديقاً لخبر الله عنهم.
قال الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ [78]} [غافر:78].
وقال الله تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا [164] رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا [165]} [النساء:164- 165].

.أولو العزم من الرسل:

أولو العزم من الرسل خمسة وهم:
نوح.. وإبراهيم.. وموسى.. وعيسى.. ومحمد.. صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال الله تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ [13]} [الشورى:13].
وقد تميز هؤلاء بمواجهة عتاة البشرية: {فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ [34]} [الأنعام: 34].

.أفضل الأنبياء والرسل:

أفضل البشر هم المؤمنون.. وأفضل المؤمنين الأنبياء والرسل.. وأفضل الأنبياء والرسل هم أولو العزم.. وأفضل أولي العزم سيد ولد آدم محمد صلى الله عليه وسلم.
أعلم الخلق بالحق.. وأنصح الخلق للخلق.. وأفصح الخلق في البلاغ والبيان.. وأكملهم معرفة بالله وأسمائه وصفاته.. اجتمع في حقه:
كمال العلم بالحق.. وكمال الإيمان به.. وكمال الإرادة له.. وكمال القدرة على بيانه.. وكمال العمل به.. وكمال الدعوة إليه... وكمال الصبر عليه.. فصلوات الله وسلامه عليه.
قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [4]} [القلم:4].
وَعَنْ أبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولَ الله: «أنَا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ». متفق عليه.

.أول الأنبياء والرسل:

أول الرسل من ذرية آدم نوح عليه السلام.
قال الله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ [163]} [النساء: 163].
وعن أبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- في حديث الشفاعة... وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اذْهَبُوا إِلَى نُوحٍ، فَيَأْتُونَ نُوحاً، فَيَقُولُونَ: يَا نُوحُ، أنْتَ أوَّلُ الرُّسُلِ إِلَى أهْلِ الأرْضِ». متفق عليه.

.آخر الأنبياء والرسل:

آخر الرسل إلى أهل الأرض محمد صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا [40]} [الأحزاب:40].

.تربية الأنبياء والرسل:

الله عز وجل يخلق ما يشاء ويختار، اصطفى من البشر رسلاً وأنبياء، علَّمهم ورباهم، وأرسلهم إلى عباده بدينه.
واشتملت تربيتهم ودعوتهم على أربعة أمور:
تحصيل الإيمان.. وحفظ الإيمان.. والاستفادة من الإيمان... ونشر الإيمان.
فاجتهدوا لتحصيل الإيمان بالنظر والتفكر في آيات الله ومخلوقاته، والعبادة والتزكية، وكثرة ذكر الله، حتى جاء في قلوبهم اليقين على ذات الله وأسمائه وصفاته، وأنه خالق كل شيء، وبيده كل شيء، وأنه المستحق للعبادة وحده لا شريك له.
وبذلوا من أجل الدين كل شيء، وصبروا على كل ذلك، فكمل الإيمان واليقين في قلوبهم.
ثم اجتهدوا لحفظ الإيمان بلزوم العبادة، والبيئات الصالحة، والعمل الصالح، والإكثار من ذكر الله، ومواصلة الدعوة إلى الله، وبذل كل جهد في سبيل إعلاء كلمة الله.
ثم اجتهدوا لقضاء حاجاتهم وحاجات الدين بالاستفادة من الإيمان، فيرون أن الله معهم حيثما كانوا، ويطلبون منه وحده كل شيء.
كما أغرق الله الكفار بدعاء نوح عليه السلام.. وفتح البحر لموسى.. وفجر الحجر بالماء لموسى.. وجعل النار برداً وسلاماً على إبراهيم.. وخرج الماء من بين أصابع محمد صلى الله عليه وسلم.. ونصره في غزوة بدر والأحزاب وحنين وغيرها.
وهكذا استفادوا من قدرة الله، ومن خزائن الله.
ثم اجتهدوا على نشر هذا الإيمان، وهذا اليقين بين أقوامهم، ومن أُرسلوا إليه، ليعبدوا الله وحده لا شريك له.
فالله ربى أنبياءه ورسله على هذا الإيمان، والأنبياء والرسل يربون أممهم على ذلك، فيزيد إيمانهم وإيمان أتباعهم، ويتحقق مراد الله من خلقه بعبادته وحده لا شريك له.
قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ [2]} [الجمعة:2].